* - لكل شعيرة من شعائر العبادات وجه اقتصادي وللحج جوانب اقتصادية:
الإسلام نظام شامل ومنهج حياة, يوازن بين القيم الإيمانية والجوانب الاقتصادية فى إطار متوازن بما يحقق الإشباع الروحي والمادي للإنسان ليحيى حياة طيبة عابداً لله ومن الإعجاز أن نجد لكل شعيرة من شعائر العبادات بعداً اقتصادياً.
فعلى سبيل المثال: نجد لشعيرة الحج منافع اقتصادية بجانب المنافع الروحية التعبدية, يقول الحق تبارك وتعالى: (وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ) , (الحج: 27, 28).
ويقول المفسرون أن من بين هذه المنافع: الذبائح’والتجارات بين المسلمين, كما يقول الله فى سورة البقرة: (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبِّكُمْ) ,(البقرة: 198) , ومما ورد فى تفسير هذه الآية: كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقاً فى الجاهلية, فتأثموا أن يتجروا فى موسم الحج, فنزلت هذه الآية الكريمة.
فموسم الحج بجانب أنه موسم تربية روحية مع الله يمكن أن يكون موسماً للتنمية الاقتصادية للأمة الإسلامية ليجني المسلمون منه منافع اقتصادية, فيما لو أنهم تعاونوا واتحدوا, واعتصموا بحبل الله, ولا تفرقوا حتى لا تذهب قوتهم.
* - يمكن أن يكون موسم الحج مؤتمراً للاقتصاد الإسلامي:
يفد إلى الأماكن الطيبة المباركة ملايين الحجاج من جميع البلاد الإسلامية ومن الأقليات الإسلامية فى الدول الغير إسلامية, وبقليل من التنسيق يمكن لأهل العلم والخبرة ورجال الأعمال من المسلمين أن ينظموا مؤتمراً اقتصادياً يتدارسون فيها كيف يمكن تطبيق مفاهيم وأسس ومبادئ الاقتصاد الإسلامي, وهجرة النظم الاقتصادية الوضعية والتى تقوم على الربا والخبائث.
كيف يمكن تطبيق نظم الاقتصاد الإسلامي فى حلبة الحياة والتى تقوم على الحلال والطيبات والأولويات الإسلامية والاستثمار الإسلامي والزكاة والتكافل والتعاون بين المسلمين وإقامة السوق الإسلامية المشتركة, وهل يمكن أن يكون للمسلمين صندوق نقد إسلامي, وبنك إسلامي للتنمية, ومؤسسات استثمارية إسلامية؟
* - وفى موسم الحج دعوة لإقامة السوق الإسلامية المشتركة:
تقوم دعوة الإسلام على التعاون على البر والتقوي فى كل نواحي الحياة ومنها النواحي الاقتصادية, فيقول الله تبارك وتعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (سورة المائدة: جزء من الآية 2).
ويقول الله عز وجل: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (الأنبياء: 92) , ويقول الرسول صلى الله علية وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا".
فهل يمكن انتهاز موسم الحج لتدعيم روابط الأخوة بين الدول الإسلامية فى مجال الاقتصاد وإقامة السوق الإسلامية المشتركة, ونحن نعيش عصر التكتلات الاقتصادية ونقابل تحديات من جانب اليهود والصلبيين.
يمتلك المسلمون المال والمعادن والخيرات الطبيعية والخامات, كما يملكون الأسواق ولديهم الإنسان العامل المنتج وهذه مقومات أي سوق مشتركة من الناحية الفنية, فهل تمَّ الاستفادة من هذه المقومات؟
ومن الناحية المعنوية وهي الأقوى: - يشترك المسلمون فى العقيدة والقيم والأهداف واللغة العربية (لغة القرآن) , ويتجهون نحو قبلة واحدة ليعبدوا رباً واحداً ويسيروا على نهج رسولٍ واحد, ولهم كتاب مقدس واحد ولهم كعبة واحدة, ولهم مصير واحد, وهذه المقومات لا توجد لدى أمه أخرى, فهل انتبه المسلمون وحكامهم إلى أهمية السوق الإسلامية المشتركة فى ظل التحديات الاقتصادية العالمية والتى تسعى لاستنزاف أموال المسلمين. . . , متى تكون خيرات المسلمين للمسلمين؟
ولا ندع لأعداء المسلمين أن يستولوا على أموالنا, إنه عندما نقض المسلمون وأئمتهم عهد الله وعهد رسوله ولم يطبقوا شرع الله, سلط الله عليهم عدوهم فيأخذ أموالهم ولقد صدقت فيهم نبوءة سيدنا محمد صلى الله علية وسلم عندما قال: "يا معشر المهاجرين. . . خصال خمس إن ابتليتم بهن ونزلن بكم أعوذ بالله أن تدركوهن,"لم تظهر الفاحشة فى قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم.
ولم ينقصوا المكيال والميزان إلاّ أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان, ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلاً منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا, ولاّ نقضوا عهد الله ولا عهد رسوله إلاّ سلط عليهم عدواً من غيرهم فيأخذ بعض ما في أيديهم, وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله إلاّ جعل بأسهم بينهم شديد" (رواه البزار وابن ماجه).
*- يمكن أن يكون موسم الحج مؤتمراً لمناقشة مشاكل المسلمين الاقتصادية:
تعاني الأمة الإسلامية من العديد من المشاكل الاقتصادية بالرغم من أن الله وهبها خيرات كثيرة لم توهب لأمة غيرها, من هذه المشاكل: البطالة كما هو الحال فى مصر والسودان واليمن وبنجلاديش, عدم استغلال الموارد الطبيعية.
كما هو الحال فى السودان والعراق وإيران وتركيا, ومشكلة نقص التكنولوجيا كما هو الحال فى معظم دول الخليج بالرغم من توافر المال والخامات, مشكلة التنمية الاقتصادية للدول الأجنبية, ومشكلة التبعية الاقتصادية للدول المتقدمة غير الإسلامية.
الكاتب: د حسين شحاته
المصدر: موقع على بصيرة